ماهي الفسيفساء

الفُسَيْفِسَاء هو فن وحرفة صناعة المكعبات الصغيرة واستعمالها في زخرفة وتزيين الفراغات الأرضية والجدارية عن طريق تثبيتها بالبلاط فوق الأسطح الناعمة وتشكيل التصاميم المتنوعة ذات الألوان المختلفة، ويمكن استخدام مواد متنوعة مثل الحجارة الخاصة بالفسيفساء(رخام) وفي العادة يتم توزيع الحجارة  الملونة المصنوعة من تلك المواد بشكل فني ليعبر عن قيم دينية وحضارية وفنية بأسلوب فني آخر مؤثر. 

يتم عمل اللوحة الفسيفسائية بأعداد كبيرة من القطع الصغيرة الملونة لتنتهي بشكل صورة تمثل مناظر طبيعية أو أشكال هندسية أو لوحات بشرية أو حيوانية أو أيقونات.

يعود فن الفسيفساء لأيام السومريين ثم الرومان حيث شهد العصر البيزنطي تطورا كبيرا في صناعة الفسيفساء لأنهم ادخلوا في صناعته الزجاج والمعادن
واستخدموا الفسيفساء بشكل كبير في القرن الثالث والرابع الميلادي و برعوا بتصوير حياة البحر والأسماك والحيوانات،


مصطلح الفسيفساء
يعود في أصوله إلى الكلمة اليونانية muses والتي يقصد بها آلهة الفنون والجمال والإلهام الفني التسعة ارتبط اسمه لفظيا بـ الكلمة mosaic والتي تعني الفسيفساء. وقد وصلت هذه الكلمة إلى اللغة العربية على اسم
psephos والتي عربت لاحقا لتصبح fass وقد عرف هذا الفن لدى اليونان باسمtessera technique وهذه الكلمة لاتينية الأصل وتعني مكعب cubes أو dices وهي الأشكال المكعبة والمنتظمة والتي
قطعت من الحجارة كما وأطلق على الفسيفساء أيضا مصطلح opus opus إذا كانت المكعبات منتظمة، وأطلق عليها اسمtesselatum
vermiculatumإذا كانت المكعبات غير منتظمة.


مراحل تطور الفسيفساء
أقدم فسيفساء وجدت في اليونان فقد كانت في مدينة أولينثوس وذلك في القرنين الخامس والرابع ق.م كما وجدت أمثلة في أوليمبيا وسوريا ومقدونيا،
بعد ذلك ظهرت الفسيفساء الرومانية التي انتشرت في جميع أرجاء الإمبراطورية الرومانية الغربية وإلى سوريا وحوض البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا وفرنسا وذلك ما بين القرنين الأول والثالث الميلادي. أما أقدم نماذج على الفسيفساء الجدارية والتي تعود إلى الفترة
الرومانية فقد ظهرت في القرن الأول الميلادي في مدينة بومباي في أساسات إحدى الحدائق.
وبعد ذلك شاع استعمال الفسيفساء خصوصا في الدولة البيزنطية حيث تتواجد أمثلة عديدة وكثيرة على ذلك في منطقة بلاد الشام وروما وغيرها من الأقاليم
التابعة لنفوذ الدولة البيزنطية.


تقنيات تصنيع الفسيفساء
المعنى العلمي لكلمة موزاييك عرف لاحقا من قبل الرومان بكلمة opus musivumوهي في العادة تطلق على العمل الفني ذي الشكل المتماسك أو الرسم المصنوع من مكعبات صغيرة الحجم، جمعت مع بعضها البعض وغرست في شبكة قوية تعمل على تماسكها، وهي تعطي إما شكلا مسطحا أو شكلا ثلاثي الأبعاد وتندمج معها لتعطي أشكالا وزخارف متعددة، ويقوم فن الفسيفساء على إيقاع اللون والخط في تكوين الوحدة التشكيلية الظاهرة
والتي تسمى (البساط) وتسمى أيضا في اللغة اللاتينية عند الرومان
pavimentum tesseris structum ويقصد بها الأرضية المبنية من مكعبات صغيرة وملونة .
وطريقة التركيب، ويعود الفضل للرومان في إطلاق هذه التسميات وقد وضعت تبعا لتسلسلها التاريخي:
1. : opus tessellatumوهي الفسيفساء المنفذة بواسطة قطع أو مكعبات مربعة السطح أو مستطيلة السطح وقياسها تقريبا 1 سم وترتب بخطوط طبيعية، وهي عادة مستقيمة وأحيانا منحنية وقد يصل قياس
المكعبات أحيانا إلى 4 سم مربع.
2. : opus vermiculatumوهي مكونة من مكعبات صغيرة جدا 50 ملم وما دون ومقطوعة بعناية فائقة وهي تستعمل في الأعمال التصويرية المعقدة أو في تفاصيل الوجوه والأشخاص والمناظر المعقدة

3. (marmorum): opus sectite وهي مكونة من مكعبات صغيرة جدا sectelia pavimentaوهي عبارة عن أرضيات رخامية تعتمد على التضارب اللوني للقطع، المبنية على تصميم هندسي منظم، موحد أو متكرر حيث يعني في اللغة الأثرية الأرضيات الناتجة عن تنظيم
قطع )sectelia( رخامية )marmoreae( مقطعة بأشكال هندسية )crustae(مربع، مثلث، دائري، مستطيل، مسدس، مثمن.

وتستعمل معظم المواد الطبيعية في صناعة الفسيفساء وأهمها هو:
1.الأحجار والصخور الرخامية
وهذه الأحجار والصخور عبارة عن تراكم طبيعي لمواد طبيعية مختلفة التي
تظهر على شكل كومة. وتنقسم هذه الصخور حسب مصادرها إلى أربعة أنواع:
2.صخور بركانية مشتقة من تجمع مواد مغناطيسية آتية من آثار عميقة والصخور هي : الغرانيت، سيانيت، بورفيدو، ديوريت، بازلت، أرديزيا.
3.صخور رسوبية وهي مشتقة من ترسبات أنواع مختلفة من مواد ممزوجة بالماء، وبقايا حيوانات ونباتات وهي مواد غير متماسكة.
4.صخور متحولة وهي مشتقة من المجموعتين السابقتين ومن تغيير حسب تركيبتهما وطبيعتهما الأصليتان حيث توجد في مناطق ضغط
قوية وحرارة مرتفعة ومن أنواعها : الشيست والكوارتز 5.الصخور المستخرجة من الكهوف على شكل مجموعات أو صفائح
على ضفاف الأنهار والبحار.
كما واستعملت مواد أخرى لصناعة الموزاييك وهي الأحجار الكريمة كالعقيق واللازورد والكوارتز واللؤلؤ( بالإضافة لهذا كله تم استعمال وابتكار فن جديد هو )smalti( وهو مصنوع من الزجاج الذي تم أيضا استعماله في تقنية الموزاييك والمسمى .pastavitra وهي كلمة من أصل لاتيني وتعني (صهر) وهي عبارة عن قطع صغيرة من الزجاج pastavitra يحصل
عليها من خلال عملية صهر الرمل والأملاح المؤكسدة مع مكونات معدنية ونتيجة هذا الذوبان نحصل على نوع من الزجاج القاسي الملون والشفاف


خطوات تصنيع الفسيفساء
1.أولا نقوم برسم الصورة أو الموضوع المراد تنفيذه بالفسيفساء على قطعة من القماش بالحجم الذي يراد تنفيذه .
2.ثم نقوم بعملية تجزئة لكل مساحة لونية من الرسم إلى أقسام صغيرة بعدد أقسام القطع الصغيرة التي سيتم رصفها.
3.بعد ذلك نضع المكعبات الملونة حسب الرسم الذي تم تنفيذه وقد تحتاج
هذه العملية إلى صقل أو تصغير بعض القطع وذلك حسب الحاجة وبعد ذلك تستخدم المواد اللاصقة.


أنواع الفسيفساء
.في بلاد الشام فقد تم اكتشاف عدد كبير من اللوحات الفسيفسائية الجميلة في مدن عديدة منها ماري وشهبا وأنطاكية والسويداء وتدمر وحماة وحلب معرة النعمان وقد تم نقل بعض هذه اللوحات إلى المتاحف العالمية والمحلية حيث توجد أكبر لوحة فسيفساء في العالم في متحف طيبة الامام في سوريا، وما بقي من هذه اللوحات تم ترميمه والحفاظ عليه من أجل الأجيال القادمة لتبقى
شاهدا على عظمة الفنون وعظمة حضارة هذه البلاد.
أما في الفترة الإغريقية والرومانية فقد تطور فن الفسيفساء ليصبح أكثر جمالا، حيث تم استعمال الفسيفساء كلوحات جداريه لتمثيل التاريخ المصور، كما استخدم في الحدائق وحول النوافير، وتم استعمال مواد متنوعة في صناعة الفسيفساء كالصدف والأحجار الكريمة، كما شيع استخدام المكعبات الفسيفسائية المقطوعة من الحجر والرخام لتشكيل تصاميم زخرفيه جميلة كما استخدمت الألوان الطبيعية للحجارة وللمواد الأخرى، وتم استخدام مواد
أخرى في هذه الصناعة مثل الزجاج وذلك خلال القرن الثاني قبل الميلاد. أما في بلاد الشام فقد اعتبرت الفسيفساء حرفة من أرقى الفنون، وكان
السوريون القدامى يستخدمون الألوان الواضحة المنسقة وقام البيزنطيون على إدخال اللونين الذهبي والأزرق. وقد شيع استخدام الفسيفساء في الفترة البيزنطية في زخرفة الكنائس من الداخل بسبب ملائمة هذا الفن وإمكانية تغطية المساحات الواسعة داخل الكنائس، كما وزينت
الأرضيات والأسقف والجدران بلوحات فسيفسائية كما استخدمت في تغطية منطقة الهيكل والحنية والتي تعد أهم أجزاء الكنسية. وقد استخدم الفنان البيزنطي والسوري الألوان والدرجات وذلك لتطوير الأشكال الهندسية وإظهار البعد الثالث فيها كما واستعملت الحجارة الصغيرة الحجم لإظهار تفاصيل الوجه وأحيانا كانت تقطع الحجارة إلى أشكال مختلفة لكي يتم ملئ
جميع الفراغات في السطح وكانت تتخذ أشكال متعددة منها : المثلثات، متعددة الزوايا، لتشكيل دوائر وخطوط متعرجة حتى يظهر الشكل المطلوب أقرب إلى الرسم.

This site uses cookies. By continuing to browse the site you are agreeing to our use of cookies.